فصل: من فوائد الجصاص في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويقال: لا يقربه إلاَّ الموَحِّدون، فأمَّا الكفَّار فيكرهون سماعَه فلا يقربونه.
وقرئ {المُطَهِّرون}: أي الذين يُطَهِّرون نفوسَهم عن الذنوب والخُلُقِ الدَّنيّ.
ويقال: لا يَمَسُّ خبره إلاَّ من طُهِّر يومَ القسمة عن الشقاوة.
ويقال: لا يَمَسُّ خبره إلاَّ مَنْ طَهَّر سِرَّه عن الكون.
ويقال: المطهِّرون سرائرَهم عن غيره.
ويقال: إلا المُحْتَرِمون له القائمون بحقِّه.
ويقال: مَنْ طُهِّرَ بماء السعادة ثم بماء الرحمة.
{تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} أي: مُنَزَّل من قِبَلهِ- سبحانه.
قوله جلّ ذكره: {أَفَبِهَذَا الحَديث أَنتُم مُّدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}.
أبهذا القرآن أنتم تُنافِقون، وبه تُكَذِّبون.
{وَتَجْعَلُون رِزْقَكُمْ}: كانوا إذا أُمْطِروا يقولون أُمْطِرْنا بِنَوْءٍ كذا.
يقول: أتجعلون بَدَلَ إنعامِ اللَّهِ عليكم بالمطر الكفرانَ به، وتتوهمون أن المطرَ- الذي هو نعمةٌ من الله- من الأنواء والكواكب؟!.
ويقال: أتجعلون حظَّكم ونصيبَكم من القرآن التكذيبَ؟
قوله جلّ ذكره: {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لاَّ تُبْصِرُونَ}.
يخاطِبُ أولياء الميت فيقول: هَّلا إذا بَلَغتْ روحُه الحلقوم، وأنتم تنظرون إلى هذا المريض، رجعتم إلى الله تعالى وتحققتم به؟ فنحن أقرب إليه منكم بالعلم والرؤية والقدرة... ولكن لا تبصرون!
ويقال: أقرب ما يكون العبدُ من الحقِّ عندما يتم استيلاءُ ذِكْرِه وشهودِه عليه، فينتفِي إِحساسُ العبدِ بغيره، وعلى حسب انتفاءِ العلمِ والإحساسِ بالأغيار- حتى عن نفسه- يكون تحقُّق العبد في سِرِّه حتى لا يرى غير الحَقّ.
فالقرب والبعد معناهما: أنَّ العبد في أوان صحوه وأنه لم يُؤْخَذْ- بَعْدُ- عن نفسه؛ فإذا أُخِذَ عنه فلا يكون إلا الحق... لأنه حينئذٍِ لا قُرْب ولا بُعْدِ.
قوله جلّ ذكره: {فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِنَ تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.
ليس لكم من أمر الموت شيءٍ.
{تَرْجعُونَهَآ} أي: تردُّون الروح إلى الجسد.
{إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}: في أنه لا بعث.
قوله جلّ ذكره: {فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ}.
المقَرَّبون هم الذين قرَّهم اللَّهُ بفضله، فلهم {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}.
ويقال: الرَّوْح الاستراحة، والريحانُ الرزقُ.
وقيل: الرَّوح في القبر، والريحانُ: في الجنة.
ويقال: لا يخرج مؤمِنٌ في الدنيا حتى يُؤْتَى بريحانٍ من رياحين الجنة فيشمه قبل خروج روحه، فالرُّوْح راحةٌ عند الموت، والريحان في الآخرة.
وقيل: كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: {الرُّوح} بضم الراء أي لهم فيها حياة دائمة.
ويقال: الرَّوْحُ لقلوبهم، والرياح لنفوسهم، والجنَّةُ لأبدانهم.
ويقال: رَوْحٌ في الدنيا، وريحانٌ في الجنة، وجنَّةُ نعيمٍ في الآخرة.
ويقال: رَوْحٌ وريحان مُعَجَّلان، وجنة نعيم مؤجلة.
ويقال: رَوْحٌ للعابدين، وريحان للعافين، وجَنَّةُ نعيم لعوام المؤمنين.
ويقال: رَوْحٌ نسيم القرب، وريحان كما البسط، وجنة نعيمٍ في محل المناجاة.
ويقال: رَوْح رؤية الله، وريحانُ سماع كلامه بلا واسطة، وجنة نعيم أن يدوم هذا ولا ينقطع.
قوله جلّ ذكره: {وََأمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمَِينِ فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينَ}.
أن نخبرك بسلامة أحوالِهم.
ويقال: سترى فيهم ما تحب من السلامة.
ويقال: أمانٌ لك في بابهم؛ فلهم السلامة. ولا تُشْغِلْ قلبَكَ بهم.
ويقال: فسلامٌ لك- أيها الإنسان- إنك من أصحاب اليمين، أو أيها الإنسانُ الذي من أصحاب اليمين.
قوله جلّ ذكره: {وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ المُكَذِّبِينَ الضَّآلِّينَ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيهُ جَحِيمٍ}.
إن كان من المكذبين لله، الضالّين عن دين الله فله إقامةٌ في الجحيم.
قوله جلّ ذكره: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينَ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}.
هذا هو الحق اليقين الذي لا محالةَ حاصلٌ.
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أي قَدِّسْ اللَّهَ عَمَّا لا يجوز في وصفه.
ويقال: صلِّ لله. ويقال: اشكرْ اللَّهَ على عصمة أُمَّتِكَ من الضّلال، وعلى توفيقهم في اتِّباعِ سُنّتِكَ. اهـ.

.من فوائد الجصاص في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
وَمِنْ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ:
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}.
قوله تَعالى: {إنَّهُ لقرآن كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ}.
رُوِيَ عَنْ سَلْمَانُ أَنَّهُ قال: «لَا يَمَسُّ القرآن إلَّا الْمُطَهَّرُونَ» فَقرأ القرآن، وَلَمْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ حِينَ لَمْ يَكُنْ عَلَى وُضُوءٍ.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي حَديث إسْلَامِ عُمَرَ قال: فَقال لِأُخْتِهِ: أَعْطَوْنِي الْكِتَابَ الَّذِي كُنْتُمْ تَقْرَءُونَ فَقالتْ: إنَّك رِجْسٌ، وَإِنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ فَقُمْ فَاغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَخَذَ الْكِتَابَ فَقرأهُ؛ وَذَكَرَ الْحَديث.
وَعَنْ سَعْدٍ أَنَّهُ أَمَرَ ابْنَهُ بِالْوُضُوءِ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ وَكَرِهَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ مَسَّ الْمُصْحَفِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادٍ أَنَّ الْمُرَادَ القرآن الَّذِي فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ {لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ} يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ، وَقال أَبُو الْعَالِيَةِ فِي قولهِ: {لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ} قال: هُوَ فِي كِتَابِ مَكْنُونٍ لَيْسَ أَنْتُمْ مِنْ أَصْحَابِ الذُّنُوبِ. وَقال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ الْمُطَهَّرُونَ الْمَلَائِكَةُ. وَقال قَتَادَةُ: لَا يَمَسُّهُ عِنْدَ اللَّهِ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَمَسُّهُ الْمَجُوسِيُّ وَالنَّجِسُ وَالْمُنَافِقُ.
قال أَبُو بَكْرٍ: إنْ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى حَقِيقَةِ الْخَبَرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ القرآن الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ وَالْمُطَهَّرُونَ الْمَلَائِكَةُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى النَّهْيِ، وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ الْخَبَرِ كَانَ عُمُومًا فِينَا؛ وَهَذَا أَوْلَى؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَخْبَارٍ مُتَظَاهِرَةٍ أَنَّهُ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ لِعَمْرِو بْن حَزْمٍ: «وَلَا يَمَسُّ القرآن إلَّا طَاهِرٌ» فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ نَهْيُهُ ذَلِكَ بِالْآيَةِ؛ إذْ فِيهَا احْتِمَالٌ لَهُ. آخِرُ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ. اهـ.

.من فوائد ابن العربي في السورة الكريمة:

قال رحمه الله:
سورة الواقعة فِيهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ: قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ} فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:
المسألة الْأُولَى:
هَلْ هَذِهِ الْآيَةُ مُبَيِّنَةٌ حَالَ القرآن فِي كُتُبِ اللَّهِ أَمْ هِيَ مُبَيِّنَةٌ فِي كُتُبِنَا؟ فَقِيلَ: هُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ.
وَقِيلَ: هُوَ مَا بِأَيْدِي الْمَلَائِكَةِ؛ فَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ.
وَقِيلَ: هِيَ مَصَاحِفُنَا.
المسألة الثَّانِيَةُ:
قولهُ: {لَا يَمَسُّهُ} فِيهِ قولانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ الْمَسُّ بِالْجَارِحَةِ حَقِيقَةً.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَجِدُ طَعْمَ نَفْعِهِ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ بِالقرآن؛ قالهُ الْفَرَّاءُ.
المسألة الثَّالِثَةُ:
قولهُ: {إلَّا الْمُطَهَّرُونَ} فِيهِ قولانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ الْمَلَائِكَةُ طُهِّرُوا مِنْ الشِّرْكِ وَالذُّنُوبِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ الْمُطَهَّرِينَ مِنْ الْحَدَثِ، وَهُمْ الْمُكَلَّفُونَ مِنْ الْآدَمِيِّينَ.
المسألة الرَّابِعَةُ:
هَلْ قولهُ: {لَا يَمَسُّهُ} نَهْيٌ أَوْ نَفْيٌ؟ فَقِيلَ: لَفْظُهُ لَفْظُ الْخَبَرِ، وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ.
وَقِيلَ: هُوَ نَفْيٌ.
وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَؤُهَا: مَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ، لِتَحْقِيقِ النَّفْيِ.
المسألة الْخَامِسَةُ: فِي تَنْقِيحِ الْأَقْوَالِ:
أَمَّا قول مَنْ قال: إنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَنَالُهُ فِي وَقْتٍ، وَلَا تَصِلُ إلَيْهِ بِحَالٍ؛ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ لَمَا كَانَ لِلِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ مَحَلٌّ.
وَأَمَّا مَنْ قال: أَنَّهُ الَّذِي بِأَيْدِي الْمَلَائِكَةِ مِنْ الصُّحُفِ فَإِنَّهُ قول مُحْتَمَلٌ؛ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ مَالِكٌ قال: أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي قولهِ: {لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ} أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْآيَةِ الَّتِي فِي {عَبَسَ وَتَوَلَّى}: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفْرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ} يُرِيدُ أَنَّ الْمُطَهَّرِينَ هُمْ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ وُصِفُوا بِالطَّهَارَةِ فِي سُورَةِ (عَبَسَ).
وَأَمَّا مَنْ قال: إنَّهُ أَمْرٌ بِالتَّوَضُّؤِ بِالقرآن إذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَمَسَّ صُحُفَهُ، فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قال: إنَّ لَفْظَهُ لَفْظُ الْخَبَرِ وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ، وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَحَقَّقْنَا أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الشَّرْعِ، أَيْ لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ شَرْعًا، فَإِنْ وُجِدَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ الشَّرْعِ.
وَأَمَّا مَنْ قال: إنَّ مَعْنَاهُ لَا يَجِدُ طَعْمَهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ مِنْ الذُّنُوبِ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ فَهُوَ صَحِيحٌ، اخْتَارَهُ الْبُخَارِيُّ؛ قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِسْلَامِ مَنْ رَضِيَ بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا»؛ لَكِنَّهُ عُدُولٌ عَنْ الظَّاهِرِ لِغَيْرِ ضَرُورَةِ عَقْلٍ وَلَا دَلِيلِ سَمْعٍ.
وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَنَّ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي كَتَبَهُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنُسْخَتُهُ: «مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ إلَى شُرَحْبِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، قِيلَ ذِي رُعَيْنٍ وَمَعَافِرَ وَهَمْدَانَ: أَمَّا بَعْدُ وَكَانَ فِي كِتَابِهِ أَلَّا يَمَسَّ القرآن إلَّا طَاهِرٌ».
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى أُخْتِهِ وَزَوْجِهَا سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَهُمَا يَقرآن طَهَ، فَقال: مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ، وَذَكَرَ الْحَديث إلَى أَنْ قال: هَاتُوا الصَّحِيفَةَ.
فَقالتْ لَهُ أُخْتُهُ: إنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ فَقَامَ وَاغْتَسَلَ وَأَسْلَمَ.
وَقَدْ قال أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَرْثِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:
فَقَدْنَا الْوَحْيَ إذْ وَلَّيْت عَنَّا ** وَوَدَّعَنَا مِنْ اللَّهِ الْكَلَامُ

سِوَى مَا قَدْ تَرَكْت لَنَا قَدِيمًا ** تَوَارَثَهُ الْقراطِيسُ الْكِرَامُ

وَأَرَادَ صُحُفَ القرآن الَّتِي كَانَتْ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُمْلِيهَا عَلَى كَتَبَتِهِ.
وَقَدْ قال أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْهُمْ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.
وَلَا يَمَسُّ القرآن إلَّا طَاهِرٌ.
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَمَسُّهُ الْمُحْدِثُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَمَسُّ ظَاهِرَهُ وَحَوَاشِيَهُ وَمَا لَا مَكْتُوبَ فِيهِ.
وَأَمَّا الْكِتَابُ فَلَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ.
وَهَذَا إنْ سُلِّمَ مِمَّا يُقَوِّي الْحُجَّةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَرِيمَ الْمَمْنُوعِ مَمْنُوعٌ، وَفِيمَا كَتَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَقْوَى دَلِيلٍ عَلَيْهِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين: